Flick Club LogoFlick Club Logo
سليم بن قيس حرق الباب الحديث الشريف

مقدمة اللجنة العلمية: لم يكن كتاب سليم بن قيس كتاباً تاريخياً سجّل حوادث، وتابع مقاطع زمنية معينة وانتهى، بل يُعدُ هذا الكتاب من مفاخر الشيعة وحركتها التي اكتنفها الغموض في مرحلةٍ حرجةٍ من تاريخ الإسلام. فقد كانت مرحلة ما بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم صراعاً حقيقياً بين إرادات متغايرة ومتضادة في مبادئها وتوجهاتها، حيث التوجه الذي قاده الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام يؤكد على إكمال سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والحفاظ على قيم ومبادئ الإسلام بكل تفاصيلها وتوجهاتها، في حين قاد التيار الثاني أعضاء السقيفة الذي ما فتئوا يحرصون على أن تكون قيادة المسملين بأيديهم وتوجهاتهم التي لا تنفك عن الاستئثار بالسلطة واحتكارها، وهكذا كان صراعاً رهيباً مخيفاً أقلق الحريصين على الإسلام ووجوده، وكان الإمام علي عليه السلام حريصاً على ديمومية الرسالة حتى لو تطلب التنازل عن حقه أو تأجيله إلى حين، وبالتأكيد فقد صاحب هذه الحركة أحداثٌ وملابسات لم يسجلها تاريخ السلطة وأهملها بل سعى إلى تحريفها، ولابد أن تكون هذه الذاكرة التاريخية محفوظة ومكتنزة في جامع تاريخي ضمن منظومة حديثية موثقة. كان سليم بن قيس الهلالي مجاهداً في الإبقاء على هذه الأحداث الغضة، وشاهداً عليها وكان حريصاً على متابعة الأحداث من أفواه أصحابها أو ممن شهد الوقائع بتفاصيلها، فكان يستقصي الحادثة، يتابعها، يرويها، يحللها ثم يشهد عليها أئمة أهل البيت عليهم السلام على أنّها وقعات وقعت للإمام أمير المؤمنين ولفاطمة الزهراء وللحسن وللحسين عليهم السلام، وكان في ذات الوقت حريصاً على خطابه الروائي كخطابات أدبية تتفاعل معها كل الأجيال للإبقاء على معالم المظلومية وتفاصيلها دون أن ينالها أحد بشكٍ أو شبهة، لذا فقد كان سليم صحفياً ميدانياً يطوف بين وقائع الأحداث الشاهدة عليها رجالاتها وقد استقصاها من أفواههم، واستحث الحادثة بالسؤال والتحقيق دون ملل ولا كلل، وهو بحق أول عمل صحفي توثيقي من غير ملل ولا كلل وكان حريصاً على أن لا تصادر مظلوميات أهل البيت عليهم السلام، من هنا عرفنا مالذي دعا الحجاج ومن قبل زياد بن أبيه إلى ملاحقة سليم ومطاردته، ومن هنا عرفنا حرص سليم على المجازفة بحياته من أجل الإبقاء على سلامة الكتاب وتسليمه إلى من يتكفل بسلامته وإيصاله ليقع بيد أبان بن أبي عياش الذي هو كذلك سعى لإيصال الكتاب إلى أكبر عدد من الرواة لاستنساخه وروايته، وبهذا عرفنا فصول الجهاد التي تميز بها سليم بن أبي عياش وتلميذه البار أبان بن عياش لإيصال الكتاب إلينا سالماً ومظلومية أهل البيت عليهم السلام بتفاصيلها دون أن تمسها يد العدوان والتحريف.